عندما اتبعت والدتي أخيرًا جميع تعليماته ، خلال الأسابيع الصيفية التالية و التي كانت شاقة جداً بالنسبة لها، أتت ثمار جهودها و أصبح لدينا الكثير من الخضروات لتناولها.


أخيرا كان لدينا الكثير من محصول البطاطا و البصل، حتى أن بعض الجيران طلبوا تبادل المحاصيل معنا ببعض المحاصيل الأخرى و أحياناً بعض مستلزماتهم القديمة التي لم نكن نمتلكها.


حصلنا على ثلاجة كبيرة و ملأناها بالسبانخ الضخمة، و الفجل و الجزر الضخم التي حصلنا عليها من المزارعين الآخرين، لكنني أعتقد أن الجزء الأكثر إثارة للدهشة هو أن محاصيلنا لم تأكلها حيوانات الغابة على عكس بعض المزارعين الآخرين، لقد كان ذلك مفاجئًا على الأقل لأي مزارع آخر غيرنا، ترى لأننا ربما كنا ذئاباً و أطفالًا في ذلك الوقت ،و كنا نركض كثيراً في تلك الحقول لذلك كانت الحيوانات تخاف الإقتراب من منطقتنا.


و لكن يمكننا أن نقول أن والدتنا كانت بحاجة إلى مساعدتنا أيضًا لذلك أردت تقديم يد العون لها، في البرية تميل الحيوانات الأكثر خطورة إلى تحديد أراضيها بحيث لا تقترب أي حيوانات أصغر منها خوفًا من التعرض للأكل.


لذلك نعم ، أعرف أن هذا يبدو مقززاً و لكنني تحولت لذئب و تبولت في جميع أنحاء المحاصيل ، قد يبدو الأمر فظيعًا و لكنني أردت المساعدة و صدقوني لقد ساعدنا الأمر كثيراً.


بما أننا كنا نعيش بالقرب من الجبل فقد أصبح الجو باردًا جدًا عندما حلّ الشتاء، كانت هذه هي المرة الأولى على الإطلاق التي أكون فيها أنا و (راين) و والدتي معاً و نرى الثلج يتساقط .


أيقظتنا والدتي في تلك الأمسية التي تساقط فيها و لقد كنا متحمسين جداً لدرجة أننا لم ننتظر مجيء الصباح للعب معاً، لذلك خرجنا في ملابس نومنا و لعبنا في الثلج معاً، و ركضنا في الغابة و أعلى التل.


الثلج لم يبدو أنه يبطئني عندما كنت أركض، و لا حتى يؤذي قدماي، الشيء الوحيد الذي تردد في رؤوسنا جميعا هو أن هذه اللحظاتالتي قضيناها معاً ممتعة جداً.


و لكنها لم تدم بعد ذلك عندما حدث شيء فظيع للغاية، بدأنا نركض بجانب النهر و كانت واد تي قد حذرتنا من الذهاب إليه لذلك كناّ حذرين من الاقتراب منه أكثر، نظرت إلى (راين) و بدى أنه توقف للنظر إلى شيء بمحاذاة النهر ، لم أفكر كثيرًا في تحذيره بالبداية أو إحضاره و جعله يبقى بقربي، و لكنني أخطأت عندما لم أجعله يبقى معي لأنني كنت مهملة.


كان يحاول أن يصطاد فراشة تطير حوله ، و كان سينجح في إمساكها، و لكن بسبب الحذاء الذي كان يرتديه ، تعثر و سقط في الماء البارد أو بالأصح المتجمد، لم يكن يستطع السباحة بالطبع فقد كان صغيراً للغاية، فبدأ النهر بأخذه في تياره السريع.


صرخت لوالدتي لتقديم المساعدة ، لكنني علمت أنها لن تقدم في الوقت المناسب ، لذلك اضطررت للتحول إلى ذئب و إحضاره، ركضت بمحاذاة النهر لأصل إليه و بدأت أصرخ عليه و أخبره أن يتماسك حتى أتمكن من الدخول و إنقاذه بنفسي، رأيت جذع شجرة كان قد سقط في النهر و أخبرته أن يحاول التمسك به، وصلت إليه و قفزت في الماء البارد و أمسكته بأنيابي من ملابسه و حاولت جرّه بسرعة إلى الضّفة، لكن التيار كان قوياً.


عندما قمت بإخراجه كان جسده باردًا جدًا و كنت متعبةً من تحولي، و عندما وصلت والدتي أخيرًا كانت خائفة من أن يحدث له شيء أو الأسوء أن يموت، التقطته بين ذراعيها و بدأت تردد اسمه ليستيقظ و هي تبكي: "(راين)! (راين) ! استيقظ من فضلك!"


حتى فتح عينيه بصعوبة و بدأ بقول أشياء غريبة لم أفهمها و كان يتحدث بصعوبة، "أمي ، خمني ما رأيته لقد كنت في مرج ممتلئ بأزهار دوار الشمس، و رأيت ذلك الشاب الغريب لقد بدى مألوفاً و كأنني رأيته من قبل، كان يشبه ذاك الشاب بالصورة في ضريحك الذي تنظرين إليه كثيراً، كان يحاول إمساء معصمي و أخذي إلى مكان ما حتى سمعت صوتك ينادي ثم إستيقطت، أنا سعيد لأنني لم أذهب معه... ".


قال ليغمض عينه و ينام، و لتسقطت دمعة والدتي على كتفه، علمت والدتي أنه كان سيلاقي حتفه و أنه كان يرى والدنا، لكنها كانت تبكي بدون توقف حتى سألتها: "أمي ، لماذا تبكين، إنّه بخير الآن ما الذي يحدث؟"


هزّت رأسها ببطئ ثم قالت: " لا شيء، أنا فقط سعيدة لأنه بخير".


قالت لنا والدتنا في وقت لاحق أنها لم تكن خائفة على الإطلاق في حياتها مثلما خافت في تلك اللحظة.


2021/01/11 · 128 مشاهدة · 681 كلمة
THE EAGLE
نادي الروايات - 2024